فهد جابر
فهد جابر
-A +A
فهد بن جابر fahd_Almalki@
بسبب طبيعة شخصيتي التحليلية الناقدة –الباحثة عن التطوير- فإنني مُغرم بفحص المفردات، والتفكر في معانيها، والتراكيب اللغوية، وما تَؤُوْل إليه، وبسبب طبيعة عملي فإنني مُولَع بقراءة العقود والقوانين وما يتعلق بها -وقد يُعَلقُها- من شروط وبنود أو ملحقات.

على قَدَرِ وضوح المصطلحات ومدلولاتها يكون العقد أو النص قاطعاً، وعلى حسب الصياغة يكون التذبذب مجالاً بين الإلزام والاستحسان أو حتى المنع. تُغضبني كثيراً بعض النصوص، وتبهرني أخرى لدرجة الضحك. وتكاد تقتلني بعض الكلمات غيظاً، ليس للكلمة ذاتها، ولكن لنزولها في غير منزلها. قبل 20 عاماً قرأت عقدا لبرنامج تدريب منتهٍ بالتوظيف، وتضايق موظف الموارد البشرية مني، كان مؤلفاً مما يقارب 9 صفحات، وما شدني بند مفاده «للشركة الحق في تغيير أي من البنود في هذا العقد دون الرجوع للطرف الثاني». الكثير من التساؤلات منها، ما فائدة وجود هذا التفصيل، إن كان هنالك ما ينسفها نسفاً؟ كيف يكون لطرف الحق في تغيير ما تم الاتفاق والتوقيع عليه؟ حتى لو خوّل أحد الأطراف الآخر! ما هي حدود التغيير إن كان غير محدد؟ أو ليس هذا البند الظالم -بذاته- أحد بنود العقد التي تم تخويله لتغييرها دون الرجوع لأحد؟؟. أما من ناحية المصطلح فحدث ولا حرج عن الكلمات الفضفاضة، والمعاني المطاطة، والحدود الهلامية، بل والصورة المتغيرة حسب الموقع والمزاج. على سبيل المثال لا الحصر؛ حسب مقتضى الحاجة، بما يتناسب مع الوضع، حسب التوصيات، وقت كاف، بما يلزم، كما ترتئيه اللجنة، بالطريقة المناسبة، لاحقاً.... أُشبه هذه المصطلحات بالارتباط التشعبي (hyperlink) الذي يأخذك من صفحتك الحالية لمكان ليس لك به علاقة.


من باب العدالة ولوضع حد لتطرفي في التفصيل الذي قد يُؤخر ذبح البقرة أقول؛ (لا مشاحة في الاصطلاح) قاعدة فقهية أصيلة، مفادها أن الاصطلاح على مسمى معين يجب ألا يكون معضلة بحد ذاته، منهم من ألحق الحاجة لتتمة (بعد الاتفاق على المعنى)، ولكن هذه القاعدة ليست باباً مفتوحاً لولوج أي شيء لأي اصطلاح.